الجمعة، 13 مارس 2015
قصة الأطفال "حياة " تأليف : ابراهيم نصر
عائلة مكونة من 4 أفراد متوسطة المستوي
الإجتماعي ..
أب يعمل بجد وإجتهاد لقضاء إحتياجات البيت
التي لا تنتهي
وهو منشغل كثيراً حتي في أوقات وجوده بالبيت
بمحادثات
العمل التليفونية الخاصة به .. و أم تخرج
للعمل يومياً
للمساهمة في مصاريف البيت وتعود مرهقة من
عملها
ولكنها لا ترتاح بل تقوم بكل مهام ربة
المنزل بعد عودتها
.. فترتب المنزل وتعد الطعام .. ونادراً ما
ترتاح علي مدار
اليوم .. ولهما إبن شاب يبلغ من العمر 16
عام ممتلئ
بالطاقة والحيوية ورياضي ومتفوق دراسياً ويتمتع بحرية
كاملة نابعة من ثقة والديه فيه ... ولكنه
يعيش أوهام
و أحلام الشباب ..
وأيضاً لهما إبنة جميلة عمرها 9 أعوام و إسمها
( حياة )
ولكن والديها يرون أنها لم تكبر بعد
ليعاملوها مثل أخيها
ولكنهم يعاملوها كطفلة وهي تريد أن تكبر
سريعاً لتعيش
بحرية كاملة ولها أحلام عديدة كانت تبوح بها
لفراشة تقف
علي شباك غرفتها .. وأهم هذه الاحلام أن
يصبح معها
موبايل مثل الكثير من زميلاتها في المدرسة
..
وفاتحت حياة والدها وهم جميعاً علي العشاء
حيث من
المفترض أن العشاء هو الوجبة الوحيدة التي
تجد فيها حياة
فرصة للحديث مع أسرتها وخصوصاً والدها ..
فقالت لوالدها .. أريد موبايل .. فنظر لها
والدها في مفاجأة
أوقفته عن تناول طعامه و إنتظر لحظات ثم
عاود تناول
الطعام .. فكررت حياة كلماتها خوفاً من أن يكون
والدها لم
يسمعها .. وكانت الأم تحضر المائدة فوضعت أطباق
الطعام
بعنف وقت ما كانت حياة تتحدث .. فضحك أخوها
..
فقال لها والدها .. مش هينفع ياحياة إنتي
لسه صغيرة ..
فتضايقت .. فأكمل والدها .. وأول ما تكبري هأجيبلك
واحد ..
وإلتقطت الأم الحديث من الوالد وقالت لها
بعد أن لاحظت
غضبها الشديد ..
يا حبيبتي إنتي لسه صغيرة وأنا بخاف عليكي ..
وأهو أنا
أمك بس معنديش موبايل و بعدين يا حبيبتي أنا
وبابا مش
أغنيا وورانا مصاريف كتير ..
فتركت حياة عشاءها وذهبت مسرعة وهي تبكي إلي
غرفتها .. حتي أنها لم تشرب اللبن .. وذهبت
الي الشباك
تنظر للخارج وهي تبكي وتحدث نفسها .. إمتي هأكبر
وأخرج بحرية زي أخويا ..
يا ربنا كبرني بسرعة عشان يبقي عندي موبايل
.. وأنا
لوكبيرة دلوقتي كان زمان الموبايل معايا في
حضني ..
ثم جاءت فراشتها التي تشكي لها وإقتربت منها
الي أن
أصبحت تقريباً علي عين حياة ولا يفصل بينهما
غير
الزجاج .. فإشتكت حياة إلي الفراشة قائلة ..
أنا وحيدة
ولا يسمع كلامي غيرك أيتها الفراشة .. الجميع مشغلوين
عني .. ولأن حياة هي دلوعة بصفتها آخر
العنقود .. ملأت
عيونها الرقيقة الدموع إلي أن غلبها النعاس فذهبت
لسريرها ونامت .. فحلمت ..
أنها قد كبرت وأصبحت في سن أخوها و من
الممكن أن
تذهب
و تأتي براحتها فغافلت الجميع وخرجت من المنزل
في خلسة .. وبمجرد خروجها من باب المنزل الكبير ..
خطوتين للأمام وجدت حياة نفسها أمام أرض
خضراء كثيفة
وأشجار كبيرة وملونة .. ووجدت أن منزلها إختفي ..
ولكنها إنشغلت بما رأته عينيها و أرادت الإنطلاق
بحرية
فأخذت تجري فرحانة بالورود الملونة وأشجار
الفاكهة
والطيور الجميلة والفراشات وكلها ملونة و أثناء
جريها
وراء الفراشات أوقفتها فراشة تشبه الفراشة
التي كانت
تأتي لها علي شِباكها ونظرت لها أمام أعينها
مباشرة في
تكرار لمشهد الشباك ولكن هذه المرة رأت حياة
نور مشع
أبيض كبير جعلها تغمض عيناها ولا تري شيئاً
.. وبعد فترة
فتحت حياة عيناها فوجدت الفراشة الملونة
التي نظرت لها
قد تحولت لأميرة تلبس تاج مرصع وفستان من نفس
ألوان
الفراشة في شكل مُبهر .. وللأميرة عندما
تحدثت صوت
دافئ ووجه برئ ..
وقالت الأميرة لحياة أنا هي الفراشة وأنا أميرة
في وطني
و إسمي حياة وأنا أريد أن أشاركك في رحلتك في
هذه
الطبيعة الجديدة الغريبة البديعة التي هم
فيها .. وإسمي
حياة ..
ففرحت حياة بأنها ستنطلق مع صديقة تسمي
بنفس إسمها ولن تكون وحيدة في رحلتها
الغريبة هذه ..
وإنطلقت الصديقتان معاً في رحلتهم لا يعلمون
أين يسيرون
وإلي أين يجرون ولكنهم فرحين ... ولكن بعد
فترة لاحظت
حياة أشياء غريبة .. فهي نهاراً تسمع أصوات
حيوانات
ووحوش مفترسة وليلاً تسمع تغريد البلابل
والعصافير
والكناريا .. و الشمس تُقدر بمنازل بدلاً من
القمر الذي هو
بدر تام طوال الوقت يُنير الأرض .
وعندما سألت حياة عن ما تراه أجابتها الأميرة
أن إجابة
سؤالها في آخر الرحلة وهناك سوف تعرف الرد
علي
سؤالها .. وهناك أيضاً كنز ثمين أغلي من
الموبايل الذي
تريدينه ..
فتعجبت البنت فأخبرتها الأميرة الفراشة أنها
سمعت شكواها
عندما كانت علي شباكها و رأت دموعها ..
فسألت الطفلة .. ما هو هذا الكنز .. وأين
بيتي .. لماذا
أصبحت كبيرة .. ؟؟؟
وعندما لم تجد إجابات .. سألت نفسها .. أهذا
حلم .. أم
واقع و إن كان حلم فلماذا لا أحلم بما أريده
و أتمناه ..
أنا أريد الإنطلاق والحرية والجري واللعب
بلا راحة ..
فأوقفتها الأميرة عن الأحلام .. وأخبرتها أن
رحلتهم ليست
سهلة في كل الأحوال وحذرتها من التهاون أو
الإستهتار أو
تأجيل عمل اليوم الي الغد .. فلم تنتبه حياة
لهذا الكلام
وظلت تمشي ..
فأكملت الأميرة قولها .. ونحن لا نعرف ما
سوف يقابلنا من
القدر والنصيب .. ثم تطلب الفراشة من البنت أن
ترتاح
قليلاً تحت شجرة حتي يستطيعوا إكمال مسيرتهم
وطلبت
الفراشة من البنت أن تختار الشجرة ..
فإختارت البنت شجرة التفاح لأنها تحبه كثيراً
.. فقالت لها
الفراشة لا تقطفي من ثمار هذه الشجرة ..
فحاولت الطفلة
مسرعة لقطف ثمار التفاح ولكن الثمار إختفت
.. فتعجبت البنت وخافت قليلاً ثم نظرت للفراشة فقالت لها
الفراشة .. دعينا نرتاح قليلا تحتها وندعو
الله أن يرزقنا
من خير هذه الشجرة ..
وبمجرد دعاؤهم سقطت عدد من ثمار التفاح
عليهم منها
واحدة كبيرة سقطت علي صدر حياة فإنقسمت إلي
نصفين
.. مكتوب في أحد النصفين حكمة تقول :
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ...
وفي النصف الآخر نصيحة تقول :
إعمل لإسعاد من حولك ليرزقك الله من يسعدك
....
ولم تفهم الطفلة معني ما حدث .. ولم تهتم
بما قرأت
فأرادت الفراشة الأميرة لفت إنتباهها ..
فقالت لها أن معني الحكمة والنصيحة قد يرتبطان
بما سوف
يأتي في رحلتنا ..
وهناك من يحاول أن يمنعنا أن نصل إلي هدفنا
وهو أن
نكمل رحلتنا .. وكأنه شيطان لا نراه يوسوس
لنا ..
ولكن الله يحمي البرئ الطيب النوايا الذي لا
يؤذي أحد ..
ونحن كذلك فلماذا لا نكمل رحلتنا الي الكنز
..
ولكن البنت قد خافت من كلام الفراشة وترددت ان
تكمل
المسيرة وخافت أن تتأخر في العودة إلي
منزلها ..
ولكن دافع البنت للإنطلاق والحرية جعلها
تمشي مع الأميرة
وبعد فترة وجدوا الإثنين أن الأرض الخضراء إنتهت
إلي
مرتفعات كبيرة في أعلاها شلالات مياة تنحدر
من أودية
داخل الجبال من فوق .. وتمنت البنت أن تشرب
من هذا
الماء الموجود فوق لأنها قد عطشت ولم تري في
طريقها
السابق أي مياه وأيضاً هي نسيت ..
ولكن المياه عالية وبعيدة والبنت تقول
لنفسها ... انني لا
أستطيع أن أتسلق هذه المرتفعات أجد ذلك صعب
جداً بل
يكاد يكون مستحيلاً .. إلا أن الفراشة قالت
لها بصوت عالي
وفيه بعض الحدة ..
إن الله خلقني فراشة أستطيع الطيران بسهولة
وأنا أيضاً
أميرة في موطني ..
وأنت أيتها الطفلة لن تستطيعي العودة للمنزل
في هذا
الوقت لأن منزلك أصبح في الجانب الآخر بعد
المرتفعات ..
فخافت الطفلة بشدة وحاولت ان تعود من الطريق
الذي
سلكته لتصل الي هنا .. فلم تري منزلها علي
مرمي عينيها
وإزداد خوفها وترددها فهاهي خطوة للأمام وأخري
للخلف
.. وهي تتساءل هل أعود أم أكمل .. لقد
تركتني الفراشة
وطارت وأنا وحيدة وخائفة .. إلي أن تذكرت
عطشها الذي
بدأ يشتد .. وتذكرت كلام الفراشة التي طارت
بأن منزلها
في الجهة الاخري ..
بالإضافة لفضول البنت الطفلة .. في أن
تستكشف بقية
الرحلة .. ذهبت للأمام في تحد لنفسها في أنها
من الممكن
أن تتسلق بل يجب أن تذهب لتشرب وتعود
لمنزلها ..
وبمجرد تحركها من مكان ثباتها وخوفها
وترددها .. حدث
زلزال كبير من شدته فتت قطع حجرية كبيرة من
الجبل
سقطت إحداها علي مكان الطفلة بعد أن تحركت للأمام
وتسلقت بعضاً من المرتفعات ...
وعندما رأت الطفلة ذلك أحست أن الله قد
حماها ونجاها من
الموت المحقق ..
فتسلقت بقية المرتفعات في حماس وإقدام لتصل
الي الذي
كانت تقول عنه أنه مستحيل ووصلت الي الشلال
وشربت
وفرحت لنجاحها في الوصول ..
ووجدت الفراشة موجودة عند الشلال تنتظرها
وهي تقول ..
حمدا لله أنقذك من الموت بأعجوبة .. وأنا أقول
لكي أن
الباقي قليل بعدما فات الكثير ولكن عليك الصبر
.. فلم تفهم
الطفلة ما تقوله الفراشة .. فقامت الفراشة
الأميرة بإهداء
البنت هدية وهي تقول لها هذه هدية مني اليكي
بعد إثبات
أنك تمتلكين الإرادة ..
وكانت الهدية عبارة عن حبتين طلبت الفراشة
من البنت أن
تزرعهما
وأن تنتظر ثمرتهما ولكن لم تخبرها عن ما هما
هذين الوردتين التي سوف تطرحهم الحبتين .. و
أخبرتها
الطفلة أنها لن تستطيع أن تنتظر لقد تأخرت وتريد العودة
للمنزل .. ولكن بداخلها تريد أن تعرف ما هما
الحبتين و
تملكها الفضول تريد أن تنتظر لتعرف ثمرتهما
..
وبعد أن أعطتها الفراشة الحبتين وقالت لها
ماذا تفعل
إختفت بعيداً كما كانت تفعل ذلك علي فترات
مع البنت ..
تذهب قليلا ثم تعود مرة أخري ..
فقررت الطفلة أن تنتظر لتزرع الزهرتين وكلها
شوق
لمعرفة ما هما وصنعت من بعض لباسها شئ يحمل
الماء
من الشلال ليروي زرعتها وإنتظرت بجانبها
ولكن طالت
فترة إنتظارها إلي أن ملّت البنت لأنها كانت
وحدها ولم تكن
الفراشة بجانبها أثناء إنتظارها .. لقد
تأخرت الفراشة هذه
المرة ..
وأصاب البنت بعد فترة ملل و يأس من أن يطرحا
الزهرتين
وغضبت البنت لأنها لم تستطيع إرضاء فضولها
في معرفة
الوردتين ولم تستطيع الإنتظار .. وقررت الذهاب
لمنزلها
وهي غاضبة وخائفة من عقاب أمها لها .. ونلاحظ
هنا أنها
لم تعد تقول لنفسها أنها تحلم بل أحست أنها
في واقع وأن
عليها التصرف حيال ذلك ....
ولكن ما إن إبتعدت قليلاً .. حتي جاءتها
فكرة أن تدعو الله
علّه يستجيب لها في أن تطرح الوردتين سريعاً
..
فرجعت ودعت الله أن تطرح الثمرتين ولكن
ولفترة لم يتغير
شئ .. فقررت الذهاب لمنزلها و هي تقوم تحركت
الحبتين
داخل باطن الأرض وأنبتا ثمرتين ناضجتين في
صورة
عجيبة ..
واحدة لزهرة عباد الشمس .. والاخري لزهرة
عيش الغراب
... والإثنان يتحدثان ..
فقالت زهرة عباد الشمس : أنا عباد الشمس أرمز
للشمس
في حيويتها ودفئها وإلي النهار في سعيه وعمله ..
وقالت زهرة عيش الغراب : انا أرمز للدنيا في
تقلباتها
فرغم منظري غير المحبوب لكثيرين الا إني
مفيدة لكثيرين
.. ثم فجأة ماتت الوردتين بعد هذا الحديث القصير
وحزنت
الطفلة جداً عليهما لا لشئ إلا أنها تعبت
فيهم وإنتظرت
عليهم حتي طرحا .. في عز حزن الطفلة جاءت الفراشة
الأميرة الي الطفلة ..
وأخبرتها أنها كادت أن تصل إلي منزلها فلا
تتوقف مهما
حدث وعليها أن تتبعها وتتقدم الي الأمام دون
توقف ..
وذهبت الفراشة بعيداً جداً .. فوجدت البنت
نفسها أمام
صحراء لا أول لها ولا آخر .. فخافت وبكت
قليلاً لكنها لم
تقف بل إستمرت في التقدم وراء مكان ذهاب الفراشة
..
وبعد سيرها مسافة وجدت حيوانات الجمل
والحصان و هم
مثلجين تماما علي أرض الصحراء فتعجبت ولكن
لم تتوقف
.. و إستمرت في السير فرأت الناس الموجودين
في هذه
الصحراء أناس لا يتحدثون مع أحد ولا يسمعون من أحد و
لا يقفون ولا يمشون لانهم يركبون السلحفاة
كوسيلة تنقل
فيما بينهم .. ويأكلون لحم الكلاب والقطط ..
ولكن حياة لم تتوقف .. وإستمرت في السير و أتت
لها
الفراشة فأخذت تخبرها الطفلة عما رأته
وأرادت أن تعرف
معناه .. وقبل ان تسأل البنت عن معني مارأته
.. وجدت البنت علي مرمي نظرها بيتها فأرادت أن
تذهب
مسرعة .. ولكن هي تريد أن تعرف من الفراشة
ما هو
الكنز وما معني ما رأته ولماذا ماتت
الوردتين ..
ولكن وجدت البنت أن المسافة تتسع بينها وبين
الفراشة
ولا تسمع منها غير القليل من الكلام الذي
تقول فيه الفراشة
.. لقد عرفت الله وحكمته فينا وهذا أغلي من
الموبايل
وعرفتي الصبر والمثابرة وعدم التردد .. وها أنتي
يا حياة
قبل أن نفترق أقول لكي معني ما رأيته من أهل
الصحراء :
لا تسيري عكس عقارب الساعة وعندما سمعت
البنت لفظة
الساعة .. قامت من نومها فزعة وأدركت أنها
كانت تحلم .. .....
النهاية
تأليف :
ابراهيم نصر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق